محمود علي البنا .. سفير القراء وقارئ المساجد الكبرى
إن اسم القارئ الشيخ محمود علي البنا لا يحتاج إلى تعريف أو تمهيد، فهو واحد من علامات مدرسة القراءة المصرية للقرآن الكريم، الذي أصبح صوته ماركة مسجلة في التلاوة والترتيل، في كل بيت مصري وعربي، فإلى جانب صوته العذب، فقد استطاع أن يؤسس بصوته مدرسة قراءة خاصة لا مثيل لها من قبل.
طفولة مبنية على إيمان قوي
وقد جاء ذلك الصوت العذب نتيجة لطفولة مبنية على إيمان قوي، وسماحة نفس، بدأت منذ ثلاثينيات القرن الماضي، بكُتاب صغير في مسقط رأسه شبين الكوم في محافظة المنوفية، إذ استطاع أن يتم حفظ القرآن الكريم كاملا وهو لم يبلغ الحادية عشرة من عمره بعد، وفي سن صغيرة تميز صوته بالخشوع والتفرد، مما أبهر شيخه وأقرانه، لكن بعد ذلك انتقل لطنطا لدراسة العلوم الشرعية بالجامع الأحمدي، ومن ثم تلقى القراءات فيها على يد الإمام إبراهيم بن سلام المالكي.
وفي عام 1945 انتقل الشيخ محمود البنا للقاهرة، لدراسة علم المقامات، ليواصل شيخنا رحلته التقية، وينضم لشيوخ مقرئي الإذاعة المصرية، والذي بدأ فيها بالقراءة من سورة هود، ومع خروج صوته العذب عبر الأثير خطف قلوب المستمعين جميعا.
على عرش التلاوة
كان الشيخ محمود البنا تقيًا ورعًا زاهدًا، ولعذوبة صوته وخشوعة، أصبح واحدا من العشرة الكبار الذين تربعوا على عرش تلاوة القرآن الكريم في مصر، لكن صوته الرخيم لم يقف عند حدود الدولة المصرية فقط، بل تخطاها لينال شرف القراءة في الحرمين الشريفين والمسجد الأقصى المبارك، وخلال حياته وبعد عودته، قاد حملة نضال واسعة لتأسيس نقابة القراء، وبعد تأسيسها عام 1984، تم اختياره نائبًا للنقيب، وفي هذا العام حصل على درع الإذاعة في الاحتفال بعيدها الذهبي.
لكن لم تستمر الحياة على سلاستها حتى النهاية، ففي يوم 20 يوليو من عام 1985، رحل الشيخ محمود علي البنا عن عالمنا، بعد أن ترك لنا ثروة هائلة من التسجيلات، إلى جانب المصحف المرتل الذي سجله في عام 1967، بالإضافة إلى المصحف المجوّد في الإذاعة المصرية ومصاحف مرتلة أخرى أيضا سجلها لإذاعات عديدة من الدول العربية، والتي حصل منها على عدد من شهادات التقدير والتكريم والأوسمة.
وبعد وفاته حصل على وسام العلوم والفنون عام 1990 في الاحتفال بليلة القدر، وتسلمه نجله الأكبر المهندس شفيق محمود علي البنا، وأطلق اسمه على الدورة الـ 30 لمسابقة القرآن الكريم.