مصطفى إسماعيل .. قارئ الملوك والرؤساء ومهندس المقامات وصديق النجوم
في مدرسة التلاوة المصرية وجد الشيخ مصطفى إسماعيل، وهو واحد من شيوخنا العظماء، صوته متميزًا بشكل فريد، يسرق الألباب ويجعل الأفئدة تحلق، وتهوى المخلوقات شتى عشقًا من جمال صوته.
ذلك الشيخ العبقري المتفرد مصطفى إسماعيل صدحت مساجد مصر بصوته، وخشعت القلوب به، وخلال مسيرة من التقوى المستنيرة لُقب شيخنا بعدد هائل من الألقاب، منها سلطان القُراء، مهندس المقامات، عبقرى التلاوة، صوت العروبة، عراقة الماضى وأصالة الحاضر، جبل الخشوع، مُحير العقول، معشوق القلوب وعم العموم والعِمم، الملك الأوحد على عرش التلاوة، أسد المحافل، أمير النغم، قبطان سفينة التلاوة.
فكيف أصبح كل ذلك؟
ساعدت نشأة الشيخ مصطفى إسماعيل في تقويم فكره الديني، حيث ألحقته أسرته بكٌتاب القرية ليتم حفظ القرآن الكريم وهو لم يتجاوز 12 عامًا، ثم التحق بالمعهد الأحمدي في طنطا ليدرس القراءات وأحكام التلاوة، وفي عام 1952 ساقه القدر لإحياء ليلة المولد النبوي، وبعدها طُلب منه إحياء ذكرى رحيل الملك فؤاد، وما إن سمع الملك فاروق صوته حتى أصدر فرمانًا بتعيينه قارئًا للقصر الملكي، رغم عدم اعتماد إذاعة القرآن الكريم له في هذا الوقت، ومن هنا لُقب بقارئ الملوك والرؤساء.
ويمكن القول أن معرفة الجمهور بالشيخ مصطفى إسماعيل، بدأت وقتما تَغَيَّبَ الشيخ عبدالفتاح الشِّعشاعي عن أحد المحافل لظروف طارئة، ومن ثم أحيا الشيخ مصطفى إسماعيل الحفل بدلًا منه، وبمجرد سماع صوته خطف ألباب المستمعين، لكن 1945 كان العام الفاصل في حياته، حيث انطلق صوته عبر الأثير صادحًا بآيات الذكر الحكيم، لتصل شهرته داخل وخارج الحدود المصرية.
علاقته بالنجوم
وخلال حياته كان الشيخ مصطفى إسماعيل ذو تفكير مستنير، وهو ما جعله على علاقة وطيدة بعدد من نجوم الفن، مثل أم كلثوم والموسيقار محمد عبد الوهاب ورياض السنباطي، واستضاف عدد منهم في منزله.
وقد بلغ صوته مداه حتى وصل ل 25 دولة عربية وإسلامية، كما سافر إلى جزيرة سيلان، وماليزيا، وتنزانيا، وزار أيضا ألمانيا والولايات المتحدة الأمريكية، وتكريما لجهوده، على وسام الاستحقاق من الرئيس الراحل جمال عبد الناصر خلال احتفالية عيد العلم في 19 ديسمبر 1965، اختاره الرئيس السادات ضمن الوفد الرسمي أثناء زيارته للقدس، وقد قرأ في الحرم القدسي تلاوته المشهورة في ذكرى الإسراء والمعراج.
وفي 26 من ديسمبر عام 1978، وضعت حروف النهاية لحياة الشيخ مصطفى إسماعيل، إذ رحل عن عالمنا، بعد أن ترك لنا ثروة من التِّلاوات القرآنية.