محمد رفعت .. قيثارة السماء ومؤذن مصر الأول في رمضان
عند الحديث عن تلاوة القرآن، في شهر رمضان، يتبادر إلى أذهاننا اسم الشيخ محمد رفعت، الذي جعل بصوته الشهر الكريم مميزًا ومختلفًا.
استطاع محمد رفعت كما قال الشيخ الشعراوي أن يجمع بين أحكام التلاوة وحلاوة الصوت والنفس الطويل العذب.
كانت حياته ورعة تقية، فقد استطاع حفظ القرآن الكريم كاملًا وهو في الحادية عشر من عمره، ونظرًا لوفاة والده وهو في الـ 19 من عمره، فقد تحمل المسؤولية مبكرًا، من خلال إحياء المآتم بالسرادقات.
وبسبب حلاوة صوته تم تعيينه مقرئٍ في أحد مساجد القاهرة، وقد كان الشيخ محمد رفعت دائمًا مختلفًا، ففي وقت تهافت كبار الشيوخ على الإذاعة المصرية والتعاقد معها لتلاوة القرآن بها، رفضها هو رغم الإلحاح عليه، ونظرًا لتفرد صوته فقد ألح مسؤلون الإذاعة عليه ولجأوا لشيخ الأزهر وقتذاك لإقناعه، وبعد موافقته افتُتح البث الأول للإذاعة المصرية على صوته الرخيم الهادئ وهو يتلو صورة الفتح.
مقرئ الشعب
بمرور الوقت أصبح قيثارة السماء، الصوت الأول في مصر، مقرئ الشعب، إذ يلتف الشعب منصتًا يومي الإثنين والجمعة من كل أسبوع للاستماع إلى صوته العذب.
ظل هذا الوضع قائمًا حتى صدر قرار من الملك فاروق بعودة الشيخ محمد رفعت للإذاعة ليذاع صوته ثلاث مرات يوميًا.
وخلال ذلك وصل صوت الشيخ محمد رفعت إلى العالم الغربي، وطلبت منه إذاعة بي بي سي البريطانية تسجيل القرآن بصوته، وبعد تأكده من أن الأمر حلالًا سجل لهم سورة مريم، ومن بعدها بثت إذاعات لندن وبرلين وباريس تسجيلاته أثناء الحرب العالمية الثانية، لتجذب المسلمين إلى نشراتها الإخبارية.
كان الشيخ محمد رفعت في عيون أبناء شعبه دائمًا الشيخ القوي، القادر على تحمل المسؤولية، ففي عام 1943 بدأ مرض سرطان الحنجرة يتسلل إلى الشيخ، ورافقه لمدة 7 سنوات كاملة، ورغم ذلك واصل الشيخ تلاوته، حتى آخر نفس، إذ احتبس صوته وفاضت روحه وتوفي وهو يقرأ سورة الكهف، ليكون يوم 9 مايو من عام 1950 هو النهاية لحياة الشيخ محمد رفعت.