نصر الدين طوبار .. رحلة إمام المبتهلين وشيخ المنشدين
ربي إلهي دموع العين جارية، والقلب تحرقه في أضلعي النار، إن ضل قلبي فقلبي أنت تعرفه، وإن كان ذنبي كبير فأنت غفار.. مع قراءة هذه الكلمات يُستحضر إلى أذهاننا صوت منشدها العظيم نصر الدين طوبار.
يعد صوت طوبار الحاضر الغائب، الذى يستطيع أن يدخل القلب دون أدنى جهد أو مشقة، من خلال عظيم ابتهالاته، حيث يعد صوته واحداً من أهم معالم مدارس الإنشاد الديني المصري والإسلامي بشكل عام، ورغم كون ابتهالاته حاضرة بيننا في كل وقت، إلا أن صداها الأكبر يكون في شهر رمضان المبارك، قبل آذان المغرب وفي وقت السحر.
كيف بدأت رحلته؟
ويعد الشيخ نصر الدين طوبار واحدًا من أعظم وأقوى المبتهلين حضورًا وصوتًا في مصر والوطن العربي والعالم، وكانت عظمته نتاج حياة أشبه بالقصص الإنسانية، فمنذ ميلاده في السابع من يونيو لعام 1920، ونشأ على الدين القويم الصحيح، وسط أسرة مصرية بسيطة متدينة، وهو ما ساعده على حفظ القرآن الكريم وتعلم التجويد، ومن ثم تقدم لاختبارات الإذاعة المصرية مرات عديدة دون أن يحالفه الحظ.
في المرة السابعة والأخيرة نجح الشيخ نصر الدين طوبار عام 1952، في أن يصبح قارئًا للقرآن الكريم ومنشدًا للتواشيح الدينية، ومع عرض صوته للمرة الأولى عى المستمعين أجمع العالم على براعة صوته وتفرده الحسي، وخشوعه الروحي.
ومن خلال ذلك واصل مسيرة التقوى التي بدأها، وأبدع فيها كذلك، ففي عام 1978 سجل المصحف المجود المشترك للإذاعة السعودية، بالاشتراك مع الشيخ محمود البجيرمي، وكان ذلك المصحف هو المصحف الثاني الذي يتم تسجيله للإذاعة وللتليفزيون في آن واحد، ومن بعدها تم اختياره مشرفًا وقائدًا لفرقة الإنشاد الديني التابعة لأكاديمية الفنون بمصر عام 1980.
ليصل صوت الشيخ بعد ذلك إلى مسامع العالم أجمع، ليشهد له بالبراعة والخشوع والزهد والتفرد، ففي قاعة ألبرت هول في لندن وقف الشيخ نصر الدين طوبار وأنشد وابتهل وأدخل صوته في قلوب العالم، من خلال حفل المؤتمر الإسلامي العالمي، لتكتب عن صوته الصحف الألمانية : صوت يعزف على أوتار القلوب.
ولأن الحياة لا تسير كما نهوى دائمًا، ففي السادس عشر من نوفمبر من عام 1986، كتب القدر كلمته، ورحل الشيخ نصر الدين طوبار عن عالمنا، تاركًا لنا ما يزيد عن 200 ابتهال وأنشودة وصوتٍ رخيم يصنع مجد عظيم.