عبدالفتاح القصري .. رفض استكمال الدراسة فى الفرير حباً فى الفن

فى يوم 15 أبريل من العام 1905، ولد الكوميديان الكبير عبدالفتاح القصري، والذى تعلق به جده ـ مالك محلات الذهب الشهير ـ منذ الصغر، وقرر أن يخصص له معلقة ذهبية ليأكل بها.
ابن الذوات
بمرور الوقت تعود عبدالفتاح أن يذهب مع جده إلى المقهي الشعبي، الذى كان يقضي فيه سهراته، فيما كان الجد يصمم على أنه يصنع لعبدالفتاح نفس الملابس التى يرتديها، حتى أصبح بسبب التشابه بينه وبين جده فى الملبس والشكل وحتى الحول فى العين، أشبه بـ معلم صغير، كما كان أهل الحي يلقبونه.
أدرك الأب أن سهراته نجله فى المقهي وارتباطه الذى كان يزداد يوما بعد أخر بشاعر الربابة، قد يضع مستقبله على المحك، ولذا اتخذ قرارا بإن يلحقه بمدرسة الفرير، وخصص له مساعد يذهب معه يوميا إلى المدرسة ليحمل له كتب الدراسة، وطعامه.
هارب من المدرسة
مضت الأيام الأولى لعبدالفتاح فى المدرسة، دون أية أزمات، حتى فوجئ والده باستدعاء من إدارة المدرسة التى أكدت أنها قد تفصل نجله إذا لم يلتزم بالواجبات المدرسية وإذا استمر فى تحريض زملائه على التحدث بنفس الطريقة التى يتحدث بها أبناء المناطق الشعبية.
وفى الوقت الذى حاول فيه الأب إقناع الابن بإن يلتزم بتعليمات المدرسة وجده رافضا لفكرة استكمال التعليم، حتى يعود للسهر مع جده ويستمتع بفقرة شاعر الربابة، وهو الأمر الذى وافقه فيه جده، خصوصا بعد أن طلب عبدالفتاح العمل معه فى محلات الصاغة التى يمتلكها.
مطرود من البيت
خرج عبدالفتاح من المدرسة إلى الواقع العملي، وراح يتقرب أكثر فأكثر من شاعر الربابة ورفاقه من المشخصاتية كما كان يُطلق عليهم وقتها، وهو الأمر الذى أغضب الأب وهدد عبدالفتاح بطرده من البيت.
فى تلك الأثناء وصل عبدالفتاح إلى فرقة الجزايرلي وطلب العمل معهم، وخلال جولة فى الصعيد تعرضت الفرقة للسرقة، وعاد القصري وزملائه بملابس التمثيل، الأمر الذى أشعل غضب الأب ليقرر طرده عبدالفتاح من البيت.
ومع هذا القرار مضى القصري بكل تحدي ليثبت للجميع أنه موهوب فى التمثيل ويستحق المجازفة بكل شئ حتى لو حُرم من الميراث، من أجل إثبات موهبته، وبينما يبحث عن مسرح يحتضنه ألقت به الصدفة فى طريق جورج أبيض الذى منحه دور العراف تراسيس فى مسرحية أوديب ملكا، ورغم الطابع التراجيدي الغالب على المسرحية إلا أن القصري فى ليلة العرض الأولى تعمد إضحاك الجمهور، ليتلقى صفعة قوية من جورج أبيض، قبل أن يطرده مؤكدا أنه لن يكون ممثلا يوما ما.
غير أن القصري الذى واجه كل الصعوبات، صمم على أن يمضي فى طريقه، ليجد أبواب الشهرة والمجد تُفتح له على مصرعيها، بعد أن سمع به نجيب الريحاني وقرر ضمه لفرقته، ليقدم أدوار المعلم التى وضع بها القصري أقدامه على أول طريق الشهرة والنجومية.