كامل يوسف البهتيمي .. صوت السماء صاحب الحنجرة الفولاذية
فؤادي غدا من شدة الوجد في ظمأ، إلى نحو من فوق السماوات قد سما، ولولاه ما أشتقت لحطيم وزمزما، شغفت وقلبي مات في الحب مغرما .. كلمات أنشودة فؤادي التى باتت معلقة في أذهاننا بصوت صاحبها الشيخ كامل يوسف البهتيمي، صاحب الحنجرة الفولاذية.
ذلك الصوت النقي الساطع، الذي سطع في سماء الإنشاد والتلاوة في آن واحد، وقد بدأ رحلته في سن صغيرة، حيث ساعدته طبيعة نشأته المتدينة، فوالده كان مقرئا ومحفظا للقرآن الكريم، لذا استطاع الشيخ كامل يوسف البهتيمي أن يتم حفظ القرآن وهو في العاشرة من عمره، كما تم إسناد وظيفة قارئ القرآن الكريم له بمسجد قرية الحمرا ببهتيم بمحافظة القليوبية، وفي الوقت نفسه كان يرفع الأذان للصلوات الخمس فارتبط الناس بصوته وذاع صيته.
وما يزيد من الانبهار أن الشيخ كامل يوسف البهتيمي لم يلتحق بأي معهد من معاهد القرآن وتعليم القراءات، بل لم يدخل أي مدرسة لتعليم العلوم العادية، لكن بالممارسة والخبرة والاستماع الجيد إلى القُراء وصل لما وصل إليه.
طريق الشهرة
ولعذوبة صوته الذي أبهر الشيخ محمد الصيفي مهد له طريق الشهرة في التلاوة والإنشاد، وجعله من بطانته في الحفلات والسهرات وقدمه للناس على أنه اكتشافه، وبعد فترة قصيرة أغرم العموم بصوته، وأصبحوا يدعونه بمفرده للتلاوة والإنشاد، ليأتي عام 1953، ويكون العام الذهبي في حياة الشيخ كامل يوسف البهتيمي، حيث عرض عليه الشيخ محمد الصيفي أن يتقدم بطلب للإذاعة المصرية لعقد امتحان له أمام لجنة اختبار القراء.
مطلوب فى كل الإذاعات
وفور سماع صوته تعاقدت معه الإذاعة المصرية في أول نوفمبر من عام 1953، وتم تحديد أربعة جنيهات شهريًا أجر له مقابل التسجيلات التي يقوم بتسجيلها، ومن ثم تم تعيينه بعد ذلك قارئًا ليوم الجمعة بمسجد عمر مكرم بميدان التحرير بالقاهرة، ومع خروج صوته عبر الأثير، أثار اهتمام كل الإذاعات الأخرى، ومن ثم تلقفته الإذاعات العربية للتلاوة بها، لتكون البداية مع إذاعة فلسطين ثم محطات لندن وسوريا ودلهي بالهند وغيرها من الإذاعات العربية والعالمية، ليعرف بصاحب الحنجرة الفولاذية.
بدأ الكابوس في عام 1967، حيث كان البهتيمي مدعوًا للتلاوة في مأتم ببورسعيد، وتفاجأ الحضور بعجز الشيخ عن القراءة والنطق تماما، حيث ثقل لسانه، وأصيب بشلل نصفي، لكن تم علاجه واسترد عافيته، لتأتي النهاية بعد عامين من الإعياء ففي عام 1969، أصيب الشيخ بنزيف في المخ، وفارق الحياة وهو لم يتجاوز الـ 47 عامًا.