مازالت أذكر آخر لقاء بيننا .. أنا وصديقي أنور وجدي، فقد توجهت لزيارته في مستشفى دار الشفاء، وذلك قبل أن يسافر إلى أوروبا من أجل تلقي العلاج، ورغم الآلام الصعبة التي كانت تهاجمه في هذه المرحلة من مرضه، إلا أنه لم يكف عن الحديث عن أحلامه وأعماله، التي يتمني أن يحققها، فقد كان يحب الحياة ويسعد بالكفاح من أجل تحقيق أمانيه في هذه الدنيا.
هذا ملخص الافتتاحية التي كتبها الفنان يحيي شاهين في مقال بعنوان أنور وجدي، بمناسبة إحياء ذكرى رحيله، وحرص شاهين الذي يعد أحد أقرب الأصدقاء للفنان الراحل من خلال مقاله، على تركيز الضوء أكثر عن أبرز الجوانب في شخصية أنور وجدي، وأهمها طيبته الشديدة.
فيقول : كان أنور شديد الطيبة إلى أبعد حد، رغم ما عرف عنه من سرعة الغضب، وثورة الأعصاب إلى حد تحطيم كل شيء تقع عليه عيناه، والحقيقة أن سر هذه الثورة يرجع إلى المرض الخطير الذي أودي بحياته وكان يزحف إلى جسده ببطء شديد في سنواته الأخيرة دون أن يكتشفه الأطباء.
طيبة أنور وجدي استمر شاهين في الحديث عنها خلال مقاله، حيث أكد أن صديقه لم يكن يتسبب في حزن أي من أصدقائه، وكتب : عندما ذهبت إلى أنور وجدي من أجل أمر ما، وجدته حزين، والدموع في عينه، بسبب أنه شعر بكونه أخطأ في حق صديق له هو المرحوم سعيد أبو بكر، وصدرت منه عبارات ألحقت الإهانة بسعيد الذي انصرف غاضبًا، لذلك طلب مني أن أصحبه إلى حيث يقيم سعيد من أجل تقديم الاعتذار.
يحيي شاهين تحدث عن حياة أنور وجدي، وكيف لم تتغير بعدما أصبح فنان ومنتج مشهور فيقول : عندما أقبلت عليه الدنيا لم تغير الشهرة شيئاً من عاداته، فقد كنا نشعر بهذا الأمر، فكان يحب أن يجهز لأصدقائه القدامي الطعام وطبقه المفضل من الكباب والكفتة بنفسه، وكان يسمى لقاءنا معه بمائدة الذكريات، فكان كل منا يتبادل الذكريات عن أيام الكفاح والشقاء والحرمان.
يحيي شاهين اختتم المقال بالدعوة إلى إعادة قراءة سيرة أنور وجدي، والتمعن في رحلة صعوده للشهرة، فكتب : بودي لو أن نجوم هذا العصر وكواكبه اهتموا بدراسة حياة أنور وجدي، ليعرفوا أن طريقه إلى المجد والشهرة لم يكن مفروشا بالورد بل كان مفروشًا بالكفاح والحرمان والدموع والأماني والأحلام، ولم يكن نجاحه في غفلة من الزمن .. الله يرحمه.
