قليلون هم النجوم الذين جمعوا ما بين الموهبة، والخبرة، والذكاء الفني، فهي ميزات قد لا تجتمع كلها في نجم واحد، إلا إن مصطفى شعبان أبرز هؤلاء، الذين حققوا تاريخاً ثرياً في غضون سنوات عمله بالفن، وذلك مع تنوع الأدوار التي قدمها. 

جيل بلا أب شرعي

هذه الجملة، طالما اعتمد عليها نقاد كثر في الهجوم على تيار الشباب الصاعد بقوة، نظراً إلى إن هذا الجيل نجح في تحطيم شباك التذاكر، منهياً لكل القواعد الفنية وقتها، ودون أن يكون هناك ثمة تواصل بين هذا الجيل، والأجيال التي سبقته، إلا إن الأمر مختلف عند تحليل مشوار مصطفى شعبان، حيث كانت بدايته أمام النجم محمود عبدالعزيز في فيلم القبطان، ثم جاءت انطلاقته الحقيقية مع محمود ياسين من خلال فيلم فتاة من إسرائيل، ثم استقى من مدرسة يوسف شاهين، وقام ببطولة فيلم سكوت حنصور.

رحلة تغيير المسار

ورغم إن شعبان بدأ حصره في إطار أدوار الشاب الطائش، أو فاقد الهوية، فقد فاجأ الجميع بدور ضابط المخابرات حسام في فيلم مافيا، والذي أخرجه شريف عرفة، وبدا مصطفى شعبان حينها في حالة فنية غير عادية، جعلت الجمهور والنقاد يدركون إن هذا التحول الفني، لا ينجم إلا عن فنان يتمتع بموهبة استثنائية، إلا إنه ومع ذلك فقد راهن البعض على إنه لن يستطيع الخروج من شخصيته في فيلم مافيا، وقد صار أسيراً لها. 

العميل 1001 .. تحدي التحديات

لم يلقِ شعبان بالاً لهذه الإدعاءات، ولكنه تحدى الجميع بدوره في مسلسل العميل 1001 من خلال عدة أوجه، أولها إنه سيقدم دور عميل للمخابرات العامة المصرية، في الوقت الذي كان قد أبدع فيه من قبل في دور مشابه في فيلم مافيا، فضلاً عن أن أعمال الجاسوسية انتهت عند رأفت الهجان، وصار كل ما يٌقدم بعدها محاولات فاشلة لتدارك بعد ما حققه رأفت الهجان من نجاح أسطوري.

ورغم صعوبة التحديين، فقد ظهر شعبان بشخصية مختلفة كل الاختلاف عن دوره في فيلم مافيا، وأدى الدور بنجاح بالغ، كما حقق المسلسل نجاحاً كبيراً، وفتح الباب من جديد لهذا النوع من الأعمال، وبسبب ما حققه العميل 1001 من نجاح، تولدت الجرأة لدى صناع الدراما، والنجوم لإعادة تقديم هذه النوعية.

العار .. وجهاً لوجه أمام الجميع

تعددت بعدها أعمال مصطفى شعبان الناجحة، إلى أن وافق على مهمة انتحارية، وهي إعادة تقديم الدور الذي قدمه الأسطورة نور الشريف في فيلم العار، من خلال مسلسل يحمل نفس الاسم، ووجهت سهام النقد ضد شعبان، بدعوى إنه قد أفلس فنياً، وسيدخل في مقارنة حتمية، مع الدور الذي لن يستطيع أحد تقديمه بعد نور الشريف، لكن ومع ذلك فقد خالف شعبان كل هذه التوقعات، ووصل بالشخصية إلى آفاق أبعد، جعلت الراحل نور الشريف نفسه يشهد بأن دور مصطفى في مسلسل العار أبهره بكل ما تحمل الكملة من معنى.

من العار إلى أيوب

ومع نجاح التيمة الشعبية التي قدمها في مسلسل العار، أعاد مصطفى الكرة من خلال عدة مسلسلات حققت صدى واسع، مثل الزوجة الرابعة، ومزاج الخير، ومولانا العاشق وغيرها، لتعود مرة أخرى نغمة إفلاسه، وسجنه داخل الشخصية التي قدمها في العار، إلا إنه عاد ليُذهل الجميع مجدداً، بدوره في مسلسل أيوب والذي قدم من خلاله دوراً اظهر صقله الفني، وموهبته اللافتة التي لا تحتمل الخلاف.

وفي رمضان المقبل يخوض مصطفى شعبان تجربة جديدة، يشاركه فيها عمرو سعد وحنان مطاوع، وفيما يبدو أن الجمهور على موعد مع محطة فنية جديدة سيقف أمامها المتابعون لفترات.