الكتابة عن ذكرياتي مع أي حد ممكن تكون سهلة، بيبقي فيه شوية مواقف الواحد فاكرها وبيكتبها ويخلص.. إنما لما تكون الكتابة عن كل الذكريات مع وعن شخص هو الأب والأستاذ والصاحب والابن، هو الإنسان اللى شكل وجداني ونور عقلي ونحت ملمحي.. عن بابا.. يا تري أتكلم عن إيه ولا إيه؟ عن الإنسان اللي كان قلبه معجون بالحب والإنسانية واللي عمري ما شفته بيكره أو ينتقم؟ ولا عن الفنان العبقري اللي شاف شهرة ومجد ومااتغرش ولا اتغير وفضل متواضع بياكل نفس الأكل وطبق الفول بالزيت وما بيرتاحش غير في الجلابية؟ ولا عن المثقف اللي ماكنش ينام غير لما يقرأ كتاب واللي مكتبته كانت أهم ما يملك وكتبه فاهمها وحافظها ومحافظ عليها؟ ولا عن أكتر واحد شفته بيعشق مصر وتاريخها وحاطط جنبه رمل سيناء في زجاجة بيشم ريحتها، وكأنها عطره المفضل، واللي كانت فسحته لينا يورينا شوارع مصر وأقاليمها ونجوعها ويحكيلنا تاريخها كله؟ ولا عن الصاحب الواعي اللي يحسك من صوتك ويساندك ويقف جنبك من غير ما يعايرك ولا يحكي ويتحاكي عن أسرارك؟ ولا عن الأب اللي عمره ما مد إيديه علي حد فينا وشتم أو عاقب أو افتري، لكن ربانا نحترمه ونحبه ونخاف علي زعله ونتمني يكون راضي علينا وفخور بينا؟ ولا عن الزميل اللي اشتغلت معاه واتعلمت أحترم شغلي ومواعيدي وأتعامل مع الفرقة بمنتهي التواضع والحب وأهتم بالعامل اللي بيشيل الألة زي ما بهتم بنفسي وأتعامل معاه بحب واحترام؟
بابا كان ومازال وسيظل القدوة والأستاذ والمدرسة والحياة والكنز اللي بنهل منه كل القيم والمبادئ والمعرفة.. علشان كده صعب ألخص ذكرياتي معاه في كام كلمة أو مليون سطر، لأن عدد سنين وأيام ولحظات عمري هي ذكرياتي معاه.