تحل اليوم ذكرى ميلاد أيقونة التلحين والموسيقى، الموسيقار محمد الموجي، والذي لم يكن ملحناً اعتيادياً بل كان استثنائياً في كل ما لحن، حيث عمل مع عمالقة الغناء، فلحن لأم كلثوم وعبدالحليم حافظ، فايزة أحمد، وردة، نجاة الصغيرة، ميادة الحناوي، شادية، صباح، عزيزة جلال، والكثيرين غيرهم.

طربوش الموجي وجمال عبدالناصر 

وتواصل «خبر أبيض» مع نجله الملحن الموجي محمد الموجي والمعروف بـ الموجي الصغير، ليفتح لنا أسرار عالمه السري، فقال : لم يكن جدي مقتنعاً بموهبة أبي في التلحين، ورغم أنه لحن لعبد الحليم حافظ إلا أنه قال له لن أقتنع بموهبتك حتى تلحن لأم كلثوم، إذا غنت أم كلثوم من ألحانك وقتها فقط أقتنع بك كملحن، وبالفعل لحن أول عمل له مع أم كلثوم أغنية «نشيد الجلاء»، وهنا اقتنع جدي بموهبته، ويوم الحفل كان يحضره مجلس قيادة الثورة ومن بينهم جمال عبد الناصر وكان جدي لم يقتنع بعد بخلع «الطربوش»، رغم صدور قرار من عبد الناصر بمنعه بعد الثورة، فنظر لهم ناصر وقال : من هؤلاء الذين يرتدون الطرابيش؟، فرد أحد الحضور : إنهم عائلة الموجي أبيه وعمه، فسمح لهم باستكمال الحفل.

الخلافات مع نزار قباني

وأضاف : كان والدي يقوم ببعض التعديلات على قصائد نزار قباني، والتي كان ُيطلب منه تلحينها ليغنيها عبد الحليم، فمثلا قصيدة «قارئة الفنجان» كان يقوم بتعديل بعض المفردات التي لا يجوز قولها للجمهور خاصة في الغناء كلفظ «كلاب تحرسه وجنود»، وأيضاً تعبير «قد مات شهيداً يا ولدي من مات على دين المحبوب»، لتصبح «قد مات شهيداً يا ولدي من مات فداءاً للمحبوب»، وأيضاً في «رسالة من تحت الماء»،  رفض لفظ «إن كنت نبياً خلصني من هذا السحر»، فأراد أن يخرج الأديان خارج الأغاني.

وفي قصيدة «رسالة من تحت الماء»، كانت جميع النهايات ساكنة مثل أشتاق، أعماق، يم، عوم، وهذا يرهق الملحن ولا يسمح له باستكمال جملته الموسيقية،  فأراد والدي أن يغير نزار نهايات الشطور، ولكنه رفض واعترض وقال لعبد الحليم أن الموجي سيتلف القصيدة بتلك الطلبات، فطلب عبد الحليم من أبي أن يحاول تلحينها دون المساس بالكلمات أو تغيير السكون، فعبر أبي عن الحرف الساكن بموسيقاه، للهروب من السكون واستغلها لحنياً، فكان أفضل من يعبر عن الموسيقى العربية وأحساسه بها عالي جداً، وبالفعل جعل الحرف الساكن يخرج منه مزيكا وانتصر على السكون.

كواليس الوفاة ووصيته الأخيرة

متبعاً : سبحان الله توفى والدي بنفس المرض الذي توفى به عبد الحليم، عاش عاشقاً له ومات بنفس مرضه ونفس السيناريو حيث ظل ينزف حتى انتهت حياته، كانت آخر أيام والدي بالمستشفى ولم نكن نتركه للحظة، وكان دائماً يوصينا أن نظل يداً واحدة أنا وأخوتي وخاصة يحيى أخي الصغير، فكان الأقرب لقلبه.

أما عن وصيته الأخيرة قال : طلب مني والدي إنجاز سيمفونية بإسم محمد الموجي، ولكن تأليف سيمفونية يتطلب مبلغاً ضخماً، إلا أن أخي يحيى قام بجمع موسيقاه من أجل هذا الغرض، أو متتالية للألحان التي تصلح لسيمفونية عالمية، كجبار ونار وشباكنا ستايره حرير والليالي، ومع توليف كل ذلك تصبح سيمفونية عالمية باسم محمد الموجي، ولكن يستلزم إنجازها التفرغ سنوات، فمثلاً بيتهوفن عندما كان يعمل على تجهيز سيمفونيته على مدار5 سنوات، كما أن تسجيلها يتم في ألمانيا وللتفرغ لها لابد من رفض أي عمل لمدة عامين على الأقل.

رحل الموسيقار محمد الموجي وترك عالمنا، إلا أنه ترك خلفه إرثاً من الألحان لا يمكن تجاهله.