زمن التلفزيون الجميل .. حكاية آمال فهمي التي تتلمذت على يد طه حسين واستضافت أول إنسان يصعد للفضاء
واحدة من أهم الإعلاميات في تاريخ مصر، بدأت مسيرتها في سن مبكرة، آمال فهمي التي تعلقت أذنها بأثير الراديو ، وشاركت في برامج الأطفال التي كانت يقدمها «بابا شارو» و«ماما زوزو»، حيث غنت بصوتها الأغنية الشهيرة «قطتي صغيرة ..أسمها نميرة» التي لايزال يرددها الأطفال حتى الآن.
آمال فهمي إعلامية وإذاعية وُلدت عام 1926، التحقت بعد الثانوية بكلية الآداب جامعة القاهرة، وتتلمذت على يد كبار الأدباء والمفكرين، وعلى رأسهم عميد الأدب العربي الدكتور طه حسين، والمفكر والأديب أحمد لطفي السيد أول رئيس للجامعة المصرية، والدكتورة سهير القلماوي، أول سيدة تحصل على الماجستير والدكتوراة في الأدب العربي، وعُينت بالإذاعة عام 1951 حيث أدخلت الفوازير لأول مرة إلى الإذاعة، ثم قدمت برنامج «على الناصية»، خلفًا للإذاعي أحمد طاهر.
توالت البرامج التي قدمتها آمال فهمي، منها برامج «في خدمتك»، و«عقبال عندكم»، ثم برنامج «هذه ليلتي» الذي كان يستضيف عددا من نجوم السياسة والفن ونجوم الغناء ورؤساء التحرير، إلى جانب «فنجان شاي»، والذي استضافت فيه شخصيات سياسية، وزعماء دول عربية منهم: أحمد بن بيلا، وهواري وبومدين، وجعفر نميري، والملك حسين.
كانت آمال فهمي صاحبة السبق في تقديم «فوازير رمضان» عبر الإذاعة ، وكان يكتبها كبار الشعراء مثل بيرم التونسي، وصلاح جاهين، فيما اعتاد الجمهور على ترقب لقاء سيدة الناصية للتسجيل معها في الشوارع، وكان البرنامج قد سجل مع العندليب الأسمر عبدالحليم حافظ، وذلك خلال تصوير فيلم «حكاية حب»، حيث ظهرت آمال فيه بشخصيتها الحقيقية، وغنى عبدالحليم آنذاك أغنيته «بحلم بيك»، واجتذبت آمال فهمي في برنامجها «على الناصية» سيدة الغناء العربي أم كلثوم، وعميد المسرح العربي يوسف وهبي، ورائد الفضاء الروسي جاجارين، صاحب أول رحلة إلى الفضاء الخارجي.
كانت آمال من أهم من ساهم في دعم الاعمال الخيرية على مستوى مصر وتنسيقها مع حالات متعددة ليعالجها الدكتور مجدي يعقوب، كما عرضت الإذاعية الكبيرة الراحلة مختلف القضايا فمثلا قامت بالتسجيل في الجزائر- أثناء الاحتلال الفرنسي - مع أحد الجنود في وسط ميدان الحرب، وقدمت قضية الطفلتين نسمة وبسمة.
وتولت الإعلامية الراحلة الكثير من المناصب، حيث كانت أول سيدة ترأس إذاعة الشرق الأوسط عام 1964، ثم وكيلاً لوزارة الإعلام ثم مستشارًا لوزير الإعلام، كما تولت منصب مستشار الإذاعة في فترة الثمانينيات إلا أنها طوال هذه السنوات وعلى الرغم من مسؤولياتها العديدة، فإنها لم تتخل عن تقديم برنامجها الشهير «على الناصية».
اعتزلت آمال فهمي بعد تعرضها لظروف صحية إثر سقوطها على سلالم ماسبيرو وإهمال علاجها وهو ما جعلها تشعر بـ «إهانة تاريخها»، وبعد قرار الاعتزال، تدخلت رئاسة الجمهورية في عهد الرئيس السابق عدلي منصور ودرية شرف الدين، وزيرة الإعلام آنذاك، وتم إقناعها بالتراجع عن الاعتزال، وعادت لتقديم برنامجها لفترة قصيرة ثم توقفت، لتدخل في صراع طويل مع المرض، قبل أن تتوفى، في 8 أبريل 2018 عن عمر ناهز 92 عاما.