مواقف لا تنسي .. زوجة أحمد راتب تتحدث عنه في ذكري ميلاده
ارتبط المشاهد به حين شعر بالصدق من خلال تجسيده لأدواره، وربما يكون قد ارتبط به بناءاً على ما وشت به ملامحه من طيبة وإخلاص، هو الفنان الكبير أحمد راتب، ولكن ماذا نعلم عن الوجه الآخر له.
يحتفي اليوم «خبر أبيض» بذكرى ميلاده فتواصل مع زوجته السيدة «فيرا» لتحكي لنا تفاصيل أيامه الأخيرة وآخر كلمة سمعتها منه، وعن مواقفٍ أبكته حزناً وأخرى أبكته فرحاً فقالت: «أحمد كان إنساناً مثالياً مثلما كان ممثلاً بارعاً، كانت مشاعره مرهفة فأذكر أصعب وأقصى موقفين قد تعرض لهما.
يوم وفاة والدته لم تكن متاحة الموبايلات ولاحتى التليفونات، واضطر أخوه أن يأتي لنا في المنزل ليخبره بوفاة والدته، والتي كانت مفاجأة حيث كانت في أحسن حال ولا توجد أية مقدمات لوفاتها، وكان هذا أقسى موقف مر به في حياته، وفي وفاة أخيه، أيضاً كان صدمة شديدة فكان يكبره بعشر سنوات، وكانا مرتبطان بشكل كبير، كانت الظروف تمنعهما من اللقاءات كثيراً حيث كان أخوه لواء أركان حرب وأحمد ممثلاً فطبيعة عمل كل منهما صعبة، ويوم وفاته بكى بحرقة وقال : «لم أكن ألتقي به كثيراً ولكني كنت مطمئناً بوجوده»، وقد توفى أحمد بعد وفاة أخيه بشهرين فقط.
وأتبعت : أما عن أسعد لحظاته والتي بكى فيها من شدة سعادته، فهي ولادة بناتنا، سواء الكبرى أو البنتين التوأم، وأيضاً يوم زواج البنات، خاصةً الأخيرة بكى كثيراً. فوقتها شعر أنه أدى رسالته واطمأن عليهن.
أما علاقته بأحفاده فكانت مميزة جداً، ففي فترة مرضه وآخر يوم له بالمنزل كنا نستعد للنزول للمستشفى، وأنا والبنات نجهز له حقيبته، وكنا في انتظار سيارة الإسعاف، طلب حفيدنا أن يأكل تفاحة، فنهض رغم مرضه ودخل وأحضر له تفاحة لتكون آخر ما يآكله حفيده من يده.
وعن تفاصيل آخر أيامه قالت : ظل في المستشفى لمدة شهر قبل وفاته، وكان غائباً عن الوعي ومتصل بجهاز تنفس، وقبل وفاته بيوم واحد قام الأطباء بإعادته لوعيه وفصل أجهزة التنفس ليفيق لمدة ساعتين فقط لم ينطق فيها سوى بضع كلمات، كنت معه أنا وابنتي الكبرى فأشار إليها وقال : أنتي ابنتي أما هي!، ثم أشار إلي وقال : وأنت أمي. وكانت هذه آخر كلمة قالها لي ليغيب عن الوعي مرة أخرى لمدة يوم واحد فقط ويتركنا للأبد.
وأتبعت : رحمه الله لم يترك لنا أي مشاكل، لم يترك عليه أي دين، حتى الضرائب كانت خالصة، جميع فواتيرنا كانت خالصة، وكان دائما يكرر : لن أترك لكم مشاكل، لن أضعكم في أزمات من بعدي.
واستكملت، كان دائماً يأخذ رأيي في أدواره، حقاً الرأي النهائي مؤكد كان له، ولكنه كان يثق في رأيي جداً وكان يعلم أن لي نظرة فنية، فقد عاشرته 38 عاماً إلا شهرين.
ثم قالت : من أجمل الخصال التي اكتسبتها منه الصدق، الدقة والإلتزام بالمواعيد، أحمد كان أباً استثنائياً وزوجاً استثنائياً، يحضرني موقفاً يظهر مدى حنيته علينا، يوم ولادة ابنتينا التوأم وكانت لدينا إبنة كبرى، وهو صعيدي، فتخيلت أنه يريد صبياً وسيحزن لإنجابي بنات مرة أخرى، فسألته سؤالاً : لو أراد الله استبدال إحدى ابنتينا بولد فمن منهما تريد أن تُستبدل؟ انزعج جداً من السؤال واستنكره ورفض الفكرة بشدة وقال : أنا لا أريد ولداً أنا أريد بناتي.