أول مرة : معتز الدمرداش يحكي كواليس لم تنشر من قبل في حياة «ماما نونة»
عندما نتحدث عن الأمومة، الطيبة والحنية، فأول ما يتبادر إلى الأذهان إسمها، وأول ما تتخيله العين ملامحها الحانية والتي تشبه ملامح كل أم مصرية، هى كريمة مختار أو كما تناديها الأغلبية «ماما نونة».
فى الذكرى الثالثة لوفاتها تواصل «خبر أبيض» مع نجلها الإعلامي معتز الدمرداش ليفتح لنا صندوق أسرار ماما كريمة ويقص علينا تفاصيل حياتها اليومية.
أم للجميع
يقول معتز : ماما كريمة أم مثل أي أم مصرية، فالخلفية الإجتماعية التي نشأت عليها وارتباطها الوثيق بالمجتمع المصري كان أكثر ما يميزها، حيث لم تكن من الطبقات الأرستقراطية، بل كانت من الطبقة المتوسطة والتي خرجت منها معظم أمهاتنا، وكثيرًا ما قيل لي من أكثر من شخص ماما كريمة تشبه أمي، بالطبع لم يكن المقصود الشكل فقط حيث كانت ملامحها حقًا نموذجًا لأمهاتنا جميعًا، فالأمهات المصريات الممتلئات بعض الشيء، يتشاركن أيضًا الطيبة المحفورة بقسمات الوجه، والابتسامة الخجولة، ناهيك عن الطيبة والحنية والجدعنة.
أن تكون الأم والأب
وتابع الدمرداش: رغم هذا الكم من الحنان إلا أنها كانت تمتلك قوة كبيرة في حسن إدارة وتربية الأولاد، فنحن كنا ولدين وبنت وبطبيعة الحال تربية الأولاد ليست سهلة، وكنت أنا وأخي الأكبر شريف أشقياء وكان هذا أيضًا عبئًا عليها، لكنها كانت تحقق المعادلة الصعبة من حيث الحنان الشديد وأيضًا الشدة في التربية والتعليم لتستطيع الموازنة بين الأمرين، خصوصا أن أبي نور الدمرداش كان دائم الانشغال بعمله كمخرج كبير وكنائب رئيس التليفزيون.
موقف لا ينسى فى العيال كبرت
وأضاف: أمي كانت غطاء دافئًا لهذه الأسرة، وعندما كنت طفلًا أعطتني درسًا قويًا في احترام قيمة العمل وتقديسه، والإلتزام بالكلمة، حيث كان وقت عرض مسرحية «العيال كبرت»، وكانت تمثل دور الأم وتقف أمام كبار نجوم الكوميديا، أحمد زكي، يونس شلبي، سعيد صالح، وحسن مصطفى، وكان هذا بمثابة تحدٍ كبير جدًا فهى ممثلة راديو وتليفزيون ولم تصنف كوميديانة، وفي أثناء عرض المسرحية توفى والدها وكانت هي الإبنة الأقرب إليه، ومعنى عرض المسرحية بالقطاع الخاص، أن هناك إلتزام وتذاكر قد حُجِزت، ورغم ذلك فقد كتب المنتج أستاذ سمير خفاجة على باب المسرح «نأسف لتوقف العرض لعدة أيام نظرًا لظروف وفاة والد الفنانة كريمة مختار أستاذ محمد البدري»، ولكن أمي، وفى اليوم الثالث من الوفاة قررت النزول للعمل وعرض المسرحية معللةً بأن المنتج ليس له ذنب في ظروفها الخاصة.
يتابع: ذهبت مع أمي إلى المسرح في هذا اليوم وكنت أقف في الكواليس لأشاهد العرض، وعند التقديم لدخول أمي وصعودها على خشبة المسرح رأيت ترحيبًا وتصفيقًا من الجمهور لا يوصف ولمدة ليست قصيرة وبدورها قامت بالانحناء للجمهور كتحية وتقديرًا لهم، ولو كنت مكانها لانفجرت في البكاء، كان الجمهور يقدم لها واجب العزاء ولكن بطريقته، وأكملت العرض بالفعل مالا يقل عن ثلاث ساعات متواصلة من الضحك والإفيهات رغم ما بداخلها من ألم، أكملت دورها بما يمليه عليها ضميرها لتضرب لي مثلًا وتعطيني درسًا في تقديس العمل.
مواقف إنسانية
وعن مواقفها الإنسانية مع أبنائها روى معتز: كانت من أطرف مواقفها الإنسانية عندما كبرنا ودخلنا في مرحلة الارتباط وأذكر أنه عندما كانت تُرشح إحداهن لتكون زوجة المستقبل، وعندما تستشعر حيرتى، تبدأ في التعامل معي كصديقة وليست كأم، كانت تتناقش معي وتحلل التفاصيل وتفكر كأقرب إنسانة لي فلم تكن تتعامل معنا كأم، وكنت أثق بشدة في آراءها.
كواليس الأيام الأخيرة
وبخصوص الأيام الأخيرة في حياة ماما كريمة، قال: مرضت أمي بشدة في الفترة الأخيرة فقد مر عليها شهرين من أصعب الشهور، لم تكن تستطيع التحدث إلينا كثيرًا ولكنها كانت تشعر بنا، لم أكن أفارقها في تلك الفترة، وقبل وفاتها بفترة بسيطة جدًا كنت أسعى جاهدًا لأعرف ما إذا كانت راضيةً عني أم أن هناك ما أغضبها مني يومًا، فسألتها ورغم عدم قدرتها على الحديث، إلا أنها أرادت أن تطمئني فهزت رأسها وابتسمت لي ابتسامة رضى، وكأنها سكبت ماءًا باردًا على قلبي، لتهديء من خفقاته المضطربة، أمي كانت تعلم مقصدي، وكانت تعلم أن النهاية قد اقتربت، كان مشهدًا دراميًا للغاية.
وعن علاقتها بأصدقائها النجوم اختتم: الكثيرون من داخل الوسط الفني داوموا التواصل والسؤال عنها وزيارتها، منهم إلهام شاهين، بشرى، شيرين، دلال عبدالعزيز، نهال عنبر، وغيرهم، ووصف الدمرداش إحساسه بعد مشاهدة مشهد وفاة ماما نونة في مسلسل «يتربى في عزه» قائلًا: بكيت بحرقة، واستضفتها في نفس اليوم مساءًا في برنامجي «90 دقيقة» وتركت مكاني واتجهت إليها وانحنيت وقبلت يدها وقلت لها «ربنا يخليكي لنا ويديكي الصحة وطولة العمر».
يذكر أن آخر أعمال الفنانة القديرة كريمة مختار كانت عام 2014، من خلال مشاركتها في 3 مسلسلات، وهي «المرافعة، دلع بنات، وكيد الحموات»، وقد رحلت مختار عن عالمنا 12 يناير 2017 بعد صراع مع المرض عن عمر يناهز 82 عامًا، لتترك وراءها الكثير من الأعمال والمشاهد التي حُفرت في أذهان عشاقها ولتظل ماما نونة باقيةً لا تموت.