كان أبي يصارحنى دائمًا بأن أمنيته ألا ينتهي به الأجل، دون أن يراني قد واجهت تجارب الحياة التي سبقني هو إليها، وكان دائمًا يوصيني بأن أعتز بكرامتي وأنها الكنز ورأس مالي، وأن أظل أحتفظ بها كاملة غير منقوصة، وأن لا يجعل الكرامة هي الوسيلة للاحتفاظ بالمال، على ما فيه من بريق ووهج.
من خلال تلك الكلمات كشف ياسين إسماعيل يس عن وصايا والده الراحل إسماعيل يس له قبل رحيله، ويسرد أنه كان يشعر دائمًا بحب والده الجارف له، فكتب في مقاله : كنت أشعر من تصرفاته بأنه يحبني أكثر مما يحب نفسه، واستعداده المستمر للتضحية بكل شيء من أجلي، ولا أنسى إصراره على عدم خضوعي لعملية استئصال اللوزتين بعدما تسببت لي في بعض الألم، ورفض والدي نصائح الأطباء ومحاولات والدتي لإقناعه بضرورة خضوعي للعملية.
وأضاف : لكن خوفه كان يسيطر على قراره، حتى استغلت والدتي فرصة سفره وذهبنا إلى الطبيب وخضعت للعملية، ولأنه كان يشعر باحتمال أن يحدث ذلك عاد بشكل مفاجئ إلى القاهرة، وذهب إلى المستشفى وعندما وجدني في الفراش سقط مغشيًا عليه.
يستكمل ياسين قصص ارتباط والده به، وقال : حب والدي الكبير لي ظهر أيضًا في موقف سرقة شقتنا في الإسكندرية، حيث اتجه إلى قسم الشرطة ليقدم بلاغ، وخلال تواجده هناك اكتشف أن الشرطة قبضت على شخص يقوم ببيع المسروقات، وكان هذا الشخص أحد أصدقائي مما اضطر والدي للتنازل عن البلاغ وحاول بكل طرق مساعدة صديقي الذي كان مريضا بداء السرقة.
واستمر يس إسماعيل في الحديث عن كفاح والده فيقول : بدأ والدي حياته كمنولوجست، وشهدت رحلته تفاصيل من الكفاح والتعب والمشقة، حتى نال الشهرة، وقبل شهور من وفاته اضطر إلى العودة للعمل كمنولوجست مرة أخرى، لينتهي من حيث بدأ، في النهاية تلك السطور قليلة لأكشف من خلالها مدى طيبة قلب والدي، وكيف كان يتمنى الخير للجميع، حيث كان قلبه مفعم بالحب لكل الناس.