شريف عرفة .. مخرج الأجيال
إذا وضعنا قائمة بأهم مخرجي السينما فى مصر والوطن العربى خلال الثلاثين عاماً الأخيرة، فسيأتى على رأسها، بجدارة شريف عرفة، ليس فقط لأنه مخرج فذ صاحب رؤية وقضية يعبر عنها في أفلامه، وإنما لكونه أحد القلائل الذين طوروا أدواتهم سريعا، ونجحوا في التواصل مع كافة الأجيال بشكل غير مسبوق، ولهذا فكما حمل محمد عبدالوهاب لقب موسيقار الأجيال، يستحق عرفة أن يكون مخرج الأجيال.
عرفه الذى تم تكريمه بالأمس فى افتتاح مهرجان القاهرة السينمائى الدولى عن مشواره الفنى، تربى في بيت فني، فوالده المخرج الكبير سعد عرفة، ورغم ذلك بدا من الصغر أن الإبن كان له رؤية أخرى مختلفة تماماً عن والده، وهو ما ظهر في أول أفلامه «الأقزام قادمون» والذي قدم خلاله شكلاً سينمائياً جديداً لم يكن معهوداً، إلا أنه أصر على رؤيته الغريبة وقدم بعدها فيلم «الدرجة الثالثة» الذي قام ببطولته أحمد زكي وسعاد حسني.
كان «الدرجة الثالثة» بمثابة نكبة كبيرة لكل من شاركوا فيه، حيث فشل فشلاً ذريعاً، ودخلت بسببه سعاد حسني في موجة اكتئاب شديدة، إلا أن المخرج كان على موعد مع نقلته الحقيقية بعد ثلاثة أعوام فقط، حيث اختاره وحيد حامد عام 1991 ليخرج فيلم «اللعب مع الكبار» الذي قام ببطولته عادل إمام وحسين فهمي، ورغم إبداء الزعيم ترحابه باختيار عرفة لإخراج الفيلم، إلا أنه لم يستسلم له بسهولة ولكن بعد القليل من المشاهد التي كان إمام متحفظاً ومرتاباً من تكنيك المخرج الشاب وأسلوبه فى تنفيذها، ثم أدرك بذكائه أنه أمام مخرج غير عادي فسلم له نفسه تماماً.
بعدها قدم الثلاثي المرعب إمام وحامد وعرفة أربعة أفلام تعتبر هي الأهم في مشوار كل منهم، وهي: «الإرهاب والكباب»، و«المنسي»، و«طيور الظلام»، و«النوم في العسل»، وقد صنعت هذه الأعمال جزءاً هاماً من تاريخهم الفني.
ومع ظهور الكوميديانات الجدد أدرك عرفة أن هناك انقلابا سينمائيا قادم سيغير موازين القوى وشكل السينما تماماً، فانتبه إلى أنها اللحظة المناسبة لتغيير جلده، ووجد النجوم الشباب فيه مزيج من الخبرة والاختلاف فأخرج «عبود على الحدود» والذي شهد انطلاق علاء ولي الدين كنجم كوميدي مطلق، وكان أيضا ميلاد جديد لأحمد حلمي، ثم أتبعه بـ «الناظر» والذي كان ثورة سينمائية بالمعنى الحرفي للكلمة، فأفرز مواهب صاروا نجوماً في الوقت الحالي أبرزهم محمد سعد الذي قدم لأول مرة دور اللمبي، كما ثبّت أقدام أحمد حلمي، إلا أن كل هذه النجاحات لم ترضِ طموح عرفة، فقرر أن يثبت مجدداً أنه مخرج غير عادي، وذلك حين أخرج فيلم «مافيا» لأحمد السقا، وكان الفيلم فتح جديد في عالم «الأكشن» نظراً لتنفيذ مشاهده بحرفية عالية، كما تحول السقا إلى أهم ممثل يقدم هذه النوعية من الأفلام في مصر.
وقد ظل عرفة في طريقه متفرداً، ومبدعاً في تقديم كافة الألوان الفنية، ما بين الكوميدي والدرامي والأكشن، حيث قدم مجموعة من أهم الأفلام في السنوات الماضية منها: «الجزيرة»، «ولاد العم»، «إكس لارج»، وأخيراً «الممر» الذي عاد ليفتح طريقاً جديداً نحو الأفلام الحربية المتقنة، ويعيد إثبات أن شريف عرفة سييبقى علامة مسجلة فى تاريخ الفن المصرى والعربى.