بعد ترديد اسمهم في رسالة الإمام .. من هم الأحواف والبشامرة؟
كثيرًا ما تردد اسم الأحواف أو الحوفيين والبشموريين في مسلسل رسالة الإمام، الذي يعرض ضمن مسلسلات الموسم الرمضاني الحالي 2023، ويتناول سيرة ثالث الأئمة الأربعة الإمام الشافعي خلال الـ 6 سنوات التي قضاها بمصر.
وذكر المسلسل أن بداية ظهور الخلاف بين الأحواف والعباسيين بدأ منذ عام 198ه الموافق 814 م، فمن هؤلاء الأحواف؟ وهل ذكر المسلسل تاريخ الخلاف الحقيقي؟ ومتى أتوا إلى مصر كما ذكرت كتب التاريخ وما علاقتهم بالمصريين؟
الأحواف هي الحافة أو المنطقة، ويُقصد بها جفرافيًا سكان الدلتا المصرية من قبائل قحطان وعدنان وربيعة ومضر العربية، النازحين الذين بدأوا يستوطنوا الدلتا منذ بدء غزو عمرو بن العاص مصر حتى منتصف ولاية الدولة الأموية، وفي كتاب القاموس الجغرافي للبلاد المصرية.
وذكر محمد رمزي أن الأحواف انقسموا إلى قسمين : قبائل الحوف الشرقي وقبائل الحوف الغربي، ومن ثم اقترح والي أفريقية عبدالله بن الحبحاب على الخليفة هشام بن عبدالملك بن مروان نقل بعض قبائل قيس المضرية لمصر، لكن الخليفة اشترط أن يُنقل 3000 رجل فقط وألا يسكنوا الفسطاط، لذلك اتخذوا الحوف الشرقي وجزء من الغربي موطنًا لهم، ليتخذوا 200 بيت سكن لهم، ويصبح ثراءهم فاحش وملحوظ، جعل من استيطان مصر مطمع لبقية القبائل العربية، الذين نزحوا إلى مصر ليستحوذوا على 3000 بيت مصري مع نهاية الدولة الأموية.
وفي كتاب البداية والنهاية ذكر ابن كثير عن تاريخ النزاع بين الأحواف والعباسيين، أن الخلاف بينهم بدأ منذ عام 178ه، عندما قرر الوالي إسحاق بن سليمان العباسي رفع قيمة الضرائب على أهل مصر بمن فيهم الحوفيين، مما أثار غضبهم، ومن ثم تدارك هارون الرشيد غضب الأحواف وأرسل إليهم جيشًا لكبح غضبهم، لتتجدد أزمة الحوفيين مرة أخرى أثناء حكم الليث بن فضل البيودي لمصر بسبب قياس الأراضي الزراعية، ليسحق الحوفيين الجيش البيودي ثم ينال الليث بن فضل منهم ويقتل 80 رجل من الأحواف، ليرسل هارون الرشيد محفوظ بن سليم إلى مصر لتهدئة الأوضاع بها ومن ثم تولى حكم مصر.
وعلى جانب آخر ومع دخول الدولة العباسية في الفتن السياسية والأزمات المالية بدأت الدولة في زيادة الضرائب مما جعل مصر موردًا أساسيًا للجباية، وهو ما وقع وطأه على مسيحيين البشمور، الذين شرعوا في استعادة ثوراتهم، والتي كانت قد بدأت منذ الدولة الأموية، لكن هذه المرة لم تنل الضرائب من البشموريين فقط بل من الحوفيين أيضًا، لكن الإقليم البشموري كان له النصيب الأكبر من التعذيب.
وذكر ابن المقفع أن بشاعة التعذيب وصلت إلى ربطهم بالسلاسل لطحن الغلال بدلًا من الدواب، مما اضطرهم لبيع أبنائهم لدفع الجزية مما دفع المسلمون المصريون للإنضمام إليهم في ثورتهم، وما كان من المأمون إلا أن أخمد تلك الثورة بقتل 50 ألف نسمة من البشموريين.
وذكر الباحث التاريخي دكتور شريف شعبان في كتابه الدين والحكم في مصر أن المأمون كان كلما دخل أرضًا تتبع للبشموريين أتلفها تمامًا، حتى يبقيهم محاصرين في الأراضي التي لم يدخلها بعد، حتى سقطوا في يده، وأن المأمون لم يوقفه عن القتل سوى كثرة الجثث، ومن بقي فكان مصيره السجن أو السبي أو أخذه في منطقة الأهواز بالعراق لزراعتها وذلك للشبه بينها وبين الأراضي البشمورية، وبعد موت المأمون بـ 6 أشهر أخرجهم المعتصم من سجنهم وتم تخييرهم بين البقاء أو العودة لمصر، وتم تدمير منطقة بشمور.