بمناسبه ذكري ميلاده .. كواليس أهم «3» لقاءات صحفية في حياة الأستاذ هيكل
في ذكرى ميلاده السادس والتسعين .. لازالت الصحافة العربية بشكل عام والمصرية بشكل خاص ترتدي ثوب الحداد على رحيل الأستاذ محمد حسنين هيكل، رغم مرور ثلاثة أعوام على وفاته، وذلك لأن هيكل لم يكن صحفياً عادياً، وإنما مدرسة إعلامية متحركة، ومحلل سياسي واستراتيجي، وبنك معلومات لا يٌشق له غبار.
فكلماته المضيئة كانت قادرة وحدها أن تصنع تاريخاً، وتسجل أحداثاً جسام مرت بها الأمة، خلّد فيها إسمه كأستاذ، وصحفي بلغت كلمته الآفاق وتخطت تحليلاته حدود زمانه، وأضحت منهاجاً لزعماء ونظم، ولعل تجربته مع الأهرام جعلته المؤسس الثاني لها، فإستطاع جعلها احدى أكبر المؤسسات الصحفية في العالم، وواحدة من الجرائد العالمية التي يُشار إليها بالبنان.
وقد ضم صدر الأستاذ أخطر المعلومات وأثقلها، خاصة المتصلة بالحقبة الناصرية، بحكم أنه كان أحد أصدقاء الزعيم الراحل جمال عبدالناصر، ووزيراً للإرشاد القومي في عهده، ولسان نظامه وعقله الإعلامي. وخلال هذا التقرير نرصد أشهر «3» حوارات أجراها الأستاذ في حياته...
الأول هو القائد الإنجليزي الشهير «الفيلد مارشال» مونتجمري والذي قاد قوات الحلفاء إلى النصر على النازية عام 1945، وذلك حين زار مصر بعد مرور 25 عام على معركة «العلمين»، وقد حكى المارشال الشهير وقائع ما جرى خلال الحرب العالمية الثانية، والتي منها على سبيل المثال خلافه مع «ونستون تشرشل» رئيس وزراء بريطانيا حينها، وذلك لما تدخل في شئونه وطلب منه مهاجمة قوات القائد النازي «روميل».
اللقاء الثاني كان بين هيكل و«أينشتاين» وقد انتزع منه الأستاذ اعترافاً تاريخياً، حيث أن العالم الذي يعتبر الأهم في تاريخ الإنسانية، اشتهر بمواقفه الداعمة لليهود خاصة وأنه هو شخصياً عانى من الاضطهاد النازي حين كان يعيش في ألمانيا، ولكنه في ذات الوقت صرح أنه رغم سعادته لقيام دولة لليهود على أرض فلسطين، فقد حزن بسبب الاضطهاد الذي تعرض له العرب، مستكملاً أن لهم حقوق في هذه الأرض، وهذا الرأي هو مادفعه لمهاجمة زيارة «بيجن» للولايات المتحدة - والذي تورط في عمليات قتل الفلسطينيين أثناء عام 1948 -، مشيراً بحسب مقال نشره في جريدة «نيويورك تايمز» أنه سفاح إرهابي».
فيما كان لقاء الأستاذ بـ «جيفارا» من أهم اللقاءات التي أرخت زيارتي «أيقونة» الثورة العالمية لمصر خلال عامي 1959 وعام 1965، حيث كشف أنه خلال اللقاء الأول ظهر تباين شديد بين الزعيم جمال عبد الناصر وجيفارا بخصوص قوانين الإصلاح الزراعي، أما الزيارة الثانية فقد منح رئيس مصر الأسبق «تشي» وسام الجمهورية العربية المتحدة من الطبقة الأولى، أفصح الأخير لـ «هيكل» أنه يرغب في الانتقال إلى الدول الإفريقية الثائرة التي تعاني الاضطهاد، وانتقل بالفعل إلى «الكونغو» إلا أنه لم ينجح في إسقاط النظام، كما حدث في «كوبا» بإسقاطه حكم «باتيستا».
ويبقى الأستاذ هيكل رقماً صعباً في تاريخ الصحافة العربية. ويصعب اختزال تاريخه، وإبراز تفرده في سطور أو مجلدات.