رحلة الشيخ محمد رفعت .. فقد بصره بسبب الحسد وتنافست علي صوته إذاعات لندن وباريس
يعد الشيخ محمد رفعت، من الرموز التي بقى صوتها العذب يتردد في أذهان الأمة الأسلامية عند تلاوة القرآن الكريم، لقبه محبوه بقيثارة السماء، نظرًا لغزوه للقلوب والوجدان، ولكون صوته يفسر الآيات بأسلوب يجمع بين الخشوع وقوة التأثير، كما أنه وضع لنفسه أسلوبًا فريدا في التلاوة، حتى أصبح من أعظم الأصوات التي قرأت القرآن الكريم في القرن العشرين.
ونشأ محمد رفعت بمنطقة الدرب الأحمر بالقاهرة عام 1882، وكان والده مأمور قسم الخليفة، وفى سن الثانية أصيب الشيخ رفعت بمرض في عينيه، وكان وراء هذا المرض قصة مثيرة، حيث شاهدته إحدى النساء فى أحد الأيام وحسدته نظرًا لجمال عينيه اللامعتين، وفى اليوم التالي استيقظ الطفل على صراخ شديد من شدة الألم في عينيه ليفقد بصره.
وكانت الصدمة التالية في مرحلة الطفولة وفاة والده وكان عمره حينها لم يتجاوز الـ 9 سنوات، وقبل وفاة الأب، ألحقه بكُتاب مسجد فاضل باشا بحي السيدة زينب، ليحفظ آيات القرآن الكريم والحديث النبوي الشريف، فأتم حفظ كتاب الله قبل سن العاشرة.
وبعد وفاة والده لجأ الشيخ محمد رفعت إلى القرآن الكريم، فقد وجد في كتاب الله حصنًا يقيه الفقر، وأكسبه القرآن الكريم المزيد من البصيرة التي عوضته خيرًا عن فقدان بصره، وظل يقرأ القرآن في مسجد فاضل باشا قرابة الـ 30 عامًا وفاءً منه للمسجد الذي نشأ فيه، ومنذ تلك اللحظة أصبح الشيخ رفعت يقرأ القرآن الكريم في السهرات والمناسبات الدينية والأفراح والمآتم.
وعند افتتاح الإذاعة المصرية تم ترشيح الشيخ محمد رفعت لافتتاح الإذاعة عبر قراءة آيات من الذكر الحكيم، وبالفعل كان أول قارئ للقرآن الكريم في الإذاعة المصرية.
ومع نشوب الحرب العالمية الثانية، تنافست إذاعات القوى العظمى على اختلافها بين الحلفاء مثل إذاعتي لندن وباريس، والمحور مثل إذاعة برلين على أن يُسجل لها الشيخ محمد رفعت لتجذب المستمعين خلال افتتاحية برامجها باللغة العربية، فرفض الشيخ محمد رفعت لأمرين، أولهما أنه لا يحب التكسب بقراءة القرآن الكريم، وخوفًا من أن يستمع الناس إلى القرآن الكريم في الملاهي والحانات، وبعد مراجعة الإمام المراغي شيخ الأزهر آنذاك، وافق الشيخ رفعت على تسجيل سورة مريم لإذاعة بي بي سي البريطانية.