يا مستعجل فراقي .. عودة محمد ثروت بروح محمد رحيم
تُرك الوسط للهواة وأنصاف الموهوبين فأفسدوا الذوق العام، ودمروا مواطن جمال الموسيقى في أذهان الجمهور .. كان ذلك هو المأخذ الذي طالما هاجم به المثقفون موسيقياً من الجمهور أصحاب المواهب الحقيقية، والذين تسبب غيابهم عن الساحة في تحول المجال إلى مرتع لمن لا علاقة بالموسيقى حتى لو بالسمع .. حتى عاد محمد ثروت بعد غياب بأغنية يا مستعجل فراقي.
لاشك إن عودة صوت كـ ثروت يعد طيفاً من اطياف عبق العندليب الأسمر عبدالحليم حافظ مكسباً، خاصة وأن الرجوع في ثوب شبابي عصري، وبالتالي فلم يكن غريباً أن تتحول يا مستعجل فراقي إلى ترند في ساعات معدودة، وتحقق ما يقرب من مليون مشاهدة حتى الساعة، وبل وأزاح النجاح الكاسح لأغنيته الجديدة، ما عداها من أعمال نكسة الموسيقى.
فأغنية يا مستعجل فراقي قد تكون هي لٌب القضية، وتجسيد حي للأزمة، فدحضت بنجاحها نظرية إن الأصوات الطربية قد انصرف الجمهور عنها، لصالح أغاني المهرجانات وما شابهها، بل إن كل ما في الأمر أن الجمهور لم يجد سوى الرث حينما اختفى الجيد، وما أن عاد الموهوبون .. سقط المدّعون.
غير إن عوامل نجاح ثروت وأغنيته الجديدة لا ترتكز فقط على صوته البديع، أو كلماتها الرشيقة للشاعر تامر حسين، وإنما كلمة السر في ملحنها وموزعها محمد رحيم .. فـ رحيم وفقاً لأعماله وما قدمه من ألحان، يعتبر الوريث الشرعي لسيرة عظماء التلحين، والأمين على تطوير الموسيقى العربية، ففضلاً عن موهبته التي جعلته ينطلق في العشرين من عمره من خلال بوابة عمرو دياب وحميد الشاعري - كما انطلق بليغ حمدي في نفس السن تقريباً مع أم كلثوم -، قدم بعدها أعمالاً تعتبر هي المحطات الأهم في الألفية الجديدة، ولعل أبرزها على سبيل المثال لا الحصر : ولا على باله لـ عمرو دياب، ليه بيفكروني لـ محمد محيي، أحلف بالله لـ هيثم شاكر، بنت بلادي مع فارس، إيه ده بقا لـ حكيم، ابن الجيران مع نانسي عجرم، يونس غناء الملك محمد منير، هذا فضلاً عن أعماله مع إليسا والتي كانت سبباً مباشراً في تحقيقها النجومية الطاغية من خلال أعمال مثل : وبيستحي، أجمل إحساس في الكون وغيرها.
ولهذا فقد صار اسم محمد رحيم على أية أغنية كفيلاً بنجاحها، خاصة وأنه كما صرح مراراً يتحدى نفسه في كل عمل في تقديم جملة لحنية جديدة، تفتح الباب أمام التطوير .. عاد ثروت وأثبت رحيم مجدداً تربعه على قمة السلم الموسيقي، وإن كانت هذه هي البداية، فبالتأكيد لا يتمنى الجمهور أن يكون لها نهاية.